تأثير الاستعمار على ماضي وحاضر ومستقبل اللغة العربية في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

كلية الدراسات العليا بجامعة الملك فيصل

المستخلص

إن أوضاع اللغة العربية في بلاد السودان الغربي الواقع جنوب الصحراء الكبرى ، قد مر بعدة مراحل وتنكب عدة منعطفات مفصلية، طبعت مسيرة اللغة العربية في هذه البلاد.
فاللغة لم تشهد انتشاراً منقطع النظير في إقليم السودان الغربي وتشاد ، إلا بدخول الإسلام وانتشاره، والذي كان الأساس ولدعامة الأولى، لتطور وازدهار واتساع رقعة الممالك ، وتقدمها، وانتشار الثقافة الإسلامية والعربية فيها ، لدرجة أن اللغة العربية كانت لغة الدبلوماسية والاقتصاد ، والعلم والدين والثقافة، ولغة المجمع ككل اثنياته وأجناسه وأعراقه، وأقاليمه المختلفة، فقد كانت اللغة العربية هي الرابط بين قبائل وشعوب إقليم أفريقيا جنوب الصحراء، رابط يربطها بالثقافة والمعرفة والعلم والدين والاقتصاد ، والعلاقات أساسية بين هذه الممالك الأفريقية، التي لم تكن مشهورة إلا بفضل الإسلام واللغة العربية التي انتشرت بفعل عدة عوامل أدت إلى انتشارها وتأصيلها في هذا الإقليم الذي يمتد من بلاد الحبشة وحتى سواحل المحيط الأطلسي في بلاد (الولوف) السنغال.
وقد أثر الاستعمار سلباً على مسيرة اللغة العربية في هذا الإقليم، حيث سعى الاستعمار إلى فرض ثقافته ولغته وتعليمه ، بل وديانته، مما أدى إلى سعيه لزحزحة اللغة العربية ، حتى يتمكن من السيطرة الفكرية والثقافة والعلمية والدينية ، وقد عمل المستعمر على قلع اللغة العربية من جذورها ، وذلك بقتل ونفي وحبس العلماء وتشريدهم من قراهم إلى المنفى لتخلو له الساحة لغرس بذور ثقافته ولغته وعقيدته.
غير أن محاولات المستعمر باءت بالفشل، فإذا بحاضر اللغة العربية، يطل مثمراً ثمراً نضراً يانعاً، مستمداً مقوماته من ماضي اللغة العربية في إقليم السودان الفرنسي جنوب الصحراء.
فالحاضر هو غرس الماضي، وقد تربعت اللغة العربية في بلاد أفريقيا  جنوب الصحراء الكبرى، مكانة رفيعة، واحتلت حيزاً عملياً وعلمياً، لم تصل إليه قبل اليوم ، وقد فرضت نفسها ، بالانتشار الثقافي والعلمي والعملي والديني والاجتماعي.
أما مستقبل اللغة العربية في إقليم السودان الفرنسي جنوب الصحراء الكبرى ، فإن الإرهاصات تشير إلى احتمالية الهيمنة اللغوية، نتيجة لانتشار الجامعات العربية والتخصصات العلمية في كل المجالات والتي بدأت منذ عقود ترسخ دعائم ثباتها وتوسعها في جميع المجالات.
وعلى الرغم من صراعات الثقافات ، واعتماد للثقافات المناهضة للغة العربية لاستراتيجيات ومخططات يتم تنفيذها عبر المنظمات والهيئات والمراكز الثقافية، وتعمل الدول على تمويلها من أجل نشر الثقافة العربية على حساب اللغة  العربية، إلا أن اللغة العربية، أخذت تنتشر من خلال الصالات والمعالات الاجتمعية والعقيدة الإسلامية والتعليم الديني، والتعليم الأهلي والنظامي الذي فرض الثنائية في عدة بلدان أفريقية جنوب الصحراء الكبرى ، وكل ذلك يعكس دلالة هيمنة اللغة العربية، وانتشار الثقافة العربية في هذه البلاد الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في المستقبل القريب إن شاء الله.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية